التقويم الواقعى
استراتيجيات تقويم التعلم وأدواته

Authentic Assessment
يرتكز التقويم التقليدي على الاختبارات بمختلف صورها ، ويُعطى مرة واحدة أو عدة مرات في في العام الدراسي بغرض الحصول على معلومات عن تحصيل الطلبة لتقديمها لأولياء الأمور وغيرهم من المعنيين ، ومثل هذا التقويم لا يؤثر بصورة إيجابية في التعليم ، لأنه يقيس مهارات ومفاهيم بسيطة يتم التعبير عنها بأرقام لا تقدم معلومات ذات قيمة عن تعلم الطالب ، و لا يمكن من خلالها تحديد نتاجات التعلم التي أتقنها الطلبة ، والطلبة في التقويم التقليدي هم محور التقويم ولكنهم لا يشاركون في تقويم انفسهم ، ونتيجة للتطور أصبح مفهوم التقويم أكثر شمولاً ، وأصبح للطالب دوراً هاماً فيه ، ونظراً لأن التقويم يأخذ بعين الاعتبار مشاركة المجتمع وأولياء الأمور ومراقبة تعلم الطلاب وتعليمهم وفهم احتياجاتهم ومواطن القوة لديهم ، فإن ذلك يتطلب استراتيجيات متنوعة للتقويم ونماذج وأدوات للحصول على المعلومات وبالتالي فإن وجود نمط واحد من التقويم لا يكفي للقيام بهذا الدور المتعدد الجوانب .
وقد اقتضى التحول من المدرسة السلوكية التي تؤكد على أن يكون لكل درس أهداف عالية التحديد مصوغة بسلوك قابل للملاحظة والقياس ، إلى المدرسة المعرفية التي تركز على ما يجري بداخل عقل المتعلم من عمليات عقلية تؤثر في سلوكه ، والاهتمام بعمليات التفكير وبشكل خاص عمليات التفكير العليا مثل بلورة الأحكام واتخاذ القرارات وحل المشكلات ، باعتبارها مهارات عقلية تمكن الإنسان من التعامل مع معطيات عصر المعلوماتية ، وتفجر المعرفة ، والتقنية المتسارعة التطور . وقد أصبح التركيز على نتاجات تعلم أساسية من الصعب التعبير عنها بسلوك قابل للملاحظة والقياس يتحقق في موقف تعليمي محدد . وهكذا فقدت الأهداف السلوكية بريقها الذي لمع في عقد الستينيات ، ليحل مكانها كتابة أهداف حول نتاجات التعلم Learning Outcomes والتي تكون على شكل أداءات Performances يتوصل إليها المتعلم كنتيجة لعملية التعلم . وهذه النتاجات يجب أن تكون واضحة لكل من المعلم والمتعلم وبالتالي يستطيع المتعلم تقويم نفسه ذاتياً ليرى مقدار ما أنجزه مقارنة بمستويات الأداء المطلوبة .
ويسمى التقويم الذي يراعي توجهات التقويم الحديثة بالتقويم الواقعي Authentic Assessment . وهو التقويم الذي يعكس أداء المتدرب ويقيسه في مواقف حقيقية . فهو تقييم يجعل المتدربين ينغمسون في مهمات ذات قيمة ومعنى بالنسبة لهم ، فيبدو كنشاطات تعلم وليس كاختبارات سرية . يمارس فيها المتدربين مهارات التفكير العليا ويوائمون بين مدى متسع من المعارف لبلورة الأحكام أو لاتخاذ القرارات أو لحل المشكلات الحياتية الحقيقة التي يعيشونها . وبذلك تتطور لديهم القدرة على التفكير التأملي reflective thinking الذي يساعدهم على معالجة المعلومات ونقدها وتحليلها ، فهو يوثق الصلة بين التعلم والتعليم ، وتختفي فيه مهرجانات الامتحانات التقليدية التي تهتم بالتفكير الانعاكاسي reflexive thinking لصالح توجيه التعليم بما يساعد المتدرب على التعلم مدى الحياة .لماذا التقويم الواقعي ؟
لم يعد التقويم مقصوراً على قياس التحصيل الدراسي للطالب في المواد المختلفة بل تعداه لقياس مقومات شخصية الطالب بشتى جوانبها ، ونحن في مهارات النجاح للتنمية البشرية نستفيد من هذا التطور لمفهوم التقويم فنطبقه في تقويم التعلم في برامجنا التدريبية وبذلك اتسعت مجالات التقويم وتنوعت طرائقه وأساليبه .يهدف التقويم الواقعي إلى :
- تطوير المهارات الحياتية الحقيقة .
- تنمية المهارات العقلية العليا .
- تنمية مهارات الأفكار والاستجابات الخلاقة والجديدة .
- التركيز على العمليات والمنتج في عملية التعلم .
- تنمية مهارات متعددة ضمن مشروع متكامل .
- تعزيز قدرة الطالب على التقويم الذاتي .
- جمع البيانات التي تبيّن درجة تحقيق المتعلمين لنتاجات التعلم .
- استخدام استراتيجيات وأدوات تقويم متعددة لقياس الجوانب المتنوعة في شخصية المتعلم .المبادئ الأساسية للتقويم الواقعي :
يقوم التقويم الواقعي على عدد من الأسس والمبادئ التي يجب مراعاتها عند تطبيقه ، ولعل أبرز هذه المبادئ ما يأتي :
1- التقويم الواقعي إجراء يرافق عمليتي التعلم والتعليم ويربطهما معاً بقصد تحقيق كل طالب لمحكّات الأداء المطلوبة وتوفير التغذية الراجعة الفورية حول إنجازاتها بما يكفل تصويب مسيرته التعليمية ومواصلة عملية التعلم . فهو تقويم يهتم بجوهر عملية التعلم ، ومدى امتلاك المتدربين للمهارات المنشودة بهدف مساعدتهم جميعاً على التعلم . وهو بذلك تقويم بنائي يستند إلى عدد من المحكّات ، ويجعل تمكن المتدرب منها هدفاً منشوداً للتعلم والتعليم .
2- العمليات العقلية ومهارات التقصي والاكتشاف هي غايات يجب رعايتها عند الطلبة والتأكد من اكتسابهم لها من خلال التقويم . ولا يتسنى ذلك إلا باشغالهم بنشاطات تستدعي حل المشكلات وبلورة أحكام واتخاذ قرارات تتناسب ومستوى نضجهم .
3- التقويم الواقعي يقتضي أن تكون المشكلات والمهام أو الأعمال المطروحة للدراسة والتقصي واقعية ، وذات صلة بشؤون الحياة العملية التي يعيشها المتدرب في حياته اليومية . وبذلك تكون المشكلات المطروحة متداخلة تستدعي توظيف المعارف والمهارات للتواصل للحلول المناسبة .
4- إنجازات المتدربين هي مادة التقويم الواقعي وليس حفظهم للمعلومات واسترجاعها ، ويقتضي ذلك أن يكون التقويم الواقعي متعدد الوجوه والميادين ، متنوعاً في أساليبه وأدواته ، و لاتحتل الاختبارات بين هذه الأدوات سوى حيز ضيق . وهذه الاختبارات لا تعدو كونها نشاطات تعلم غير سوية يمارسها الطلاب دون قلق أو رهبة كما هي الحالة في الاختبارات التقليدية .
5- مراعاة الفروق الفردية بين المتدربين في قدراتهم وأنماط تعلمهم وخلفياتهم وذلك من خلال توفير العديد من نشاطات التقويم التي يتم من خلالها تحديد الإنجاز الذي حققه كل متدرب . وهذه يجب أن تبين بوضوح نقاط القوة والضعف في كل إنجاز ، ومستوى الإتقان الذي وصل إليه المتدرب بالمقارنة مع محكات الأداء . فهو بالتالي عملية إنتاجية تفاوضية تهيئ للمتدرب فرصة التقييم الذاتي وفق محكات الأداء المعلومة لديه .
6- يتطلب التقويم الواقعي التعاون بين المتدربين . ولذلك فإنه يتبنى أسلوب التعلم في مجموعات متعاونة يُعين فيها المتدرب القوي زملاءه الضعاف . بحيث يهيئ للجميع فرصة أفضل للتعلم ، ويهيئ للمدرب / المعلم فرصة تقييم أعمال المتدربين أو مساعدة الحالات الخاصة بينهم وفق الاحتياجات اللازمة لكل حالة .
7- التقويم الواقعي محكي المرجع يقتضي تجنب المقارنات بين المتدربين والتي تعتمد أصلاً على معايير جمعية والتي لا مكان فيها للتقويم الواقعي .خصائص التقويم الواقعي
1- يتطلب التقويم الواقعي أن يكون المتدربين فاعلين في أدائهم بالاعتماد على المعلومات أو المعارف التي اكتسبوها .
2- يقدم المتدرب مجموعة من المهارات والتحديات ضمن أنشطة تعليمية مميزة ( الأبحاث ، مهارات الكتابة ، مراجعة أوراق البحث ومناقشتها ، وتحليل الأحداث ، والمشاركة في المناظرات ... الخ ) .
3- يصقل مهارات المتدرب القائمة على التحليل والأداء العملي وتنفيذ المشاريع .
4- يحقق هذا التقويم الصدق والثبات عن طريق توحيد معايير تقويم المنتج .
5- تحقيق صدق معايير الاختبار عن طريق المحاكاة لقدرات المتدرب في أوضاع حقيقية .
6- يدفع التقويم الواقعي المتدرب إلى اكتشاف مكامن الخلل في جو من التحديات الحقيقية .ميزات التقويم الواقعي
يتميّز التقويم الواقعي بأنه يركّز على المهارات التحليلية ، وتداخل المعلومات كما أنه يشجع الإبداع ويعكس المهارات الحقيقية في الحياة ويشجع على العمل التعاوني ، وينمي مهارات الاتصال الكتابية والشفوية كما أنه يتوافق مباشرة مع أنشطة التعليم ونتاجاته مؤكداً بذلك على تداخله مع التعليم مدى الحياة كما أنه يؤمن بدمج التقويم الكتابي والأدائي معاً ، ويعتمد على القياس المباشر للمهارة المستهدفة ، ويشجع التشعب في التفكير لتعميم الإجابات الممكنة ، ويهدف إلى دعم تطوير المهارات ذات المعنى بالنسبة للمتدرب ، ويوجه المنهاج ، ويركز على الوصول إلى إتقان مهارات الحية الحقيقة ويدعم المعلومات التي تعنى بـ ( كيف ) ، ويوفر رصداً لتعلم المتدربين على مدار الزمن ، ويُعد المتدرب لمعالجة الغموض والاستثناءات التي توجد في أوضاع حقيقة للمشكلات ، ويعطي الأولوية لتسلسل التعلم أو العلميات التعلم .
ويتطلب تنفيذ التقويم الواقعي وقتاً لإدارته والرقابة عليه بما يتناسب مع معايير التعليم المفترضة وأن يكون هناك معايير موضوعية للتقويم ، كما يتطلب تدريب المدربين / المعلمين وتقديمه للمتدربين بصورة تدريجية بحيث يصبح مألوفاً لديهم لأنه يحتاج إلى مهارات لتطبيقه .المصدر : استراتيجيات التقويم وأدواته ( الإطار النظري ) من إعداد الفريق الوطني للتقويم ، من إصدار إدارة الامتحانات والاختبارات مديرية الاختبارات ، وزارة التربية والتعليم بالمملكة الأردنية الهاشممية ، كانون أول 2004 ، من ص 11 إلى 15