من المؤكد علميا وتاريخيا أن التغيير والاصلاح وتنمية ونهضة المجتمعات والامم لا تحدث بطريق عشوائية ، او وفق اعتبارات الامانى والاحلام والعواطف الهائجة نحو التغيير واستعادة الامجاد السابقة
وإنما يستند التغيير فى واقع ومستقبل الامم والمجتمعات الى مجموعة من السنن والقوانين الحاكمة
التى تحتاج من القائمين على قيادة عملية التغيير خاصة على مستوى المفهوم والفلسفة والفكر والتخطيط ان يدركوا ماهية وحقيقة هذه القوانين والسن حتى يحسنوا التعاطي معها بشكل جيد ومرن حتى حسنوا توظيفها لتحقيق اهداف التغيير المنشودة
ولا يقبل عقلا ولا شرعا ولا مهنيا ان يتم تجاوز او تجاهل واهمال هذه القوانين لان خسائر ذلك تكن كارثية وفادحة على المجتمعات والشعوب .
ومن المعلوم ان هذه السنن والقوانين بعضها مطلق وثابت لا يتغير بتغير الظرف او المكان او الزمان
وبعضها سنن وقوانين مرنة ومتغيرة وفقا لمعادلات القوة العالمية وما يمكن ان تفرضه الاطراف القوية المؤثرة والصانعة للفلسفة والمنطق والقيم والقرار الدولى .
النوع الاول : السنن والقوانين الآلهية
والتى تتميز بثابتها وطلاقتها ونفاذها فهى ربانية المصدر والقرار والارادة والفعل
منها على سبيل المثال : سنة آلية التغيير فى المجتمعات والامم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) والتى تقرر ان اصل تغيير الامم والمجتمعات يبدأ من التغيير الذاتى للبنية القيمية والنفسية والاخلاقية لهذه المجتمع ولا يمكن ان ياتى التغيير بفعل خارجى الا اذا كان مكملا او مساعدا .
ـ الفهم والتعاطى الجيد مع سنن وقوانين الله تعالى فى تغيير واصلاح المجتمعات والامم .
وكذلك سنة وقانون الله تعالى فى هلاك وزوال الانظمة الفاسة المستبدة
(وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا)
تلك السنة الآلهية التى تقرر ان زوال الانظمة الفاسدة مقرون بفعل فساد وفسق مترفيها
النوع الثانى : القوانين العالميةالحاكمة المؤقتة بكل عصر
بشرية المصدر محدودة الارادة والنفاذ بقدر ادوات القوة الناعمة والصلبة وتدافع الصراع فيما بينهم .
وتلك القوانين مرتبطة بمعادلات القوة العالمية للدول والاحلاف وفق ما تمتلكه من ادوات للقوة والفعل والخاصة بكل عصر حسب طبيعته ، وفى هذا العصر ادوات القوة والفعل تعنى ما تمتلكه الدول من معرفة وتكنولوجيا واقتصاد وسلاح وقوة بشرية مدربة مؤهلة وفاعلة وبحسب ما تمتلكه من قوة تفرض ثقافتها وقيمها وقوانينها الخاصة ، ومن خلال تفاعل القوى الكبرى العالمية تتشكل جملة من القوانين العالمية الضمنية التى تسير وتدير صناعة القرارات داخل العالم .
مما يتطلب من قادة وفلاسفة ومفكرى التغيير عدة امور اساسية لضمان حكمة وجودة صناعة و ادارة التغيير وحفظ وضبط وترشيد وتوجيه بوصلة الجماهير فى الاتجاه الصحيح والوقت المناسب وبالادوات الملائمة نحو التغيير
1 ــ الفقه الجيد لسنن وقوانين الله الحاكمة فى ادارة حركة الافراد والمجتمعات والامم والبحث والجتهاد فى اسقاطها على الواقع الحالى وتبين حقيقة موقفنا و موقعنا بالضبط فى ضوء وميزان هذه القوانين
حتى نحدد نقطة البدء ويمكننا رسم الطريق وتحديد خطوات التحرك ونقطة الوصول النهائية .
واحسب ان للمفكر الكبير عماد الدين خليل جهد طيب فى هذا الجانب يحتاج الى وقفة كبيرة وربما
استكمال لهذ الجهد .
2 ــ الوعى الجيد للسمات الخاصة للعصر الذى نعيش فيه وخاصة هذه المحطة التاريخية فى نهايات القرن العشرين ومطلع القرن الواحد والعشرون حتى يمكن فهمه والتعايش و التعاطى معه والاستثمار الامثل لمعطياته وادواته
ومن أهم مميزات هذا العصر العالم الجديد الذي نعيش فيه
ـ ثورة المعلومات والاتصالات
ـ الثقافة العالمية العابرة للحدود والقيود
ـ فاعلية وتقدم واثر الفعل الجماهيري على حساب تراجع أثر وفاعلية الفعل الرسمي المنظم
ـ الإبداع والابتكار والتطوير المستمر
ـ التخصص النوعي الدقيق
ـ تقديم الكيف على الكم وحتمية الالتزام بمقاييس الجودة المهنية والاحتراف
ـ تداخل وتشابك
العلاقات والمجالات
ـ تدافع الايدولوجيات والمصالح
ـ المنافسة الشرسة والصراع من اجل البقاء
ـ الانهيارات السريعة المتتالية للشركات والنظم الايدولوجيات والزعماء
ـ الفريق والمؤسسية بدلا من الفردية ، والتكتلات القوية بدلا من الدول الفردية .
ـ عصر السرعة ( الحصول على المعلومة وتوظيفها بسرعة ) .
ـ قرة وحاكميه العنصر البشرى فى أي إنجاز ونجاح يمكن أن يحدث ،ومن ثم الأهمية القصوى للتنمية البشرية ورفع كفاءة وكفاية الإنسان ( التعليم والتدريب وامتلاك المعرفة ) .
ـ حكمة المعرفة وليس المعرفة فقط
3 ــ الوعى الكامل بقوانين العصر السائدة
حتى يتمكن من الادراك الجيد لحقائق العصر وتفاعلات القوة فيه وما تنتجه وتتسبب فى تغييره فى معادلات القوة الدولية وادراك حقائق ودوافع صنع القرارات العالمية
القانون الأول : التفكير والتخطيط والعمل بطريقة إستراتيجية
القانون الثاني : التخصص المهني الرفيع والاحتراف العالى
القانون الثالث : العمل المؤسسي
القانون الرابع : الإبداع والابتكار المستمر
القانون الخامس : الالتزام بالقيم المهنية الخاصة بمجال العمل
ومن المؤكد ان سلامة وقوة ووضوح الافكار والفلسفات والمنطلقات فى قمى الهرم ستضمن بلاشك سلامة وجودة وصحة الفعل التنفيذى فى قاعدةالهرم.
مع تحيات\ احمد الموافى الامام
مواقع النشر (المفضلة)