ساندوتش (مهلبيه)
وقفت الطفلة الجميلة الصغيرة ذات الثمانية أعوام ، بجوار سرير والدتها المريضة داخل غرفة صغيرة بمستشفى عام يقع فى ميدان كبير بالمدينه، السرير يتأرجح بالمريضة لأعلى ولأسفل كلما اقتربت الصغيرة لتقبل والدتها0 تشعر وكأن الغرفة تدور بها لتجد نفسها أمام سرير آخريعتليه مريض شاب جسمه فى حالة تخشبيه، رأسه ملتو للخلف، وعيناه مقلوبتان ،وجسمه كله مشدود كساق حديديه متصلة بدائرة كهربائية، تحتضنه والدته وهى تبكى بكاءً جعل الصغيرة تصاب بعدوى البكاء، وتمسك بوالدها الذى يحاول هو الآخر أن يخفف عن زوجته، ويضمها الى صدره أملا فى تهدئتها ، نظرت إليه الصغيرة مستفهمة ؟ حاول تهدئتها وقال لها :
لاتخافى يا حبيبتى إنها النوبات التشنجية الملعونة وسوف تزول عندما يأتى الطبيب 0 وقفت وسط الحجرة تنظر مرة لسرير والدتها الذى لايتوقف عن الاهتزاز،ومرة لسرير الشاب المريض وامه تحتضنه فنوباته تأتى متقطعة ، وعندما وقع لسانه بين فكى اسنانه صرخت الام صرخة استغاثية وخرجت تهرول وتنادى بصوت عال كله ألم وحسرة وقالت: ( وامسعفاة ---- وامسعفاة--- )واخذت الام تدخل وتخرج عدة مرات والصغيرة تمسك بملابس والدها بقوة وهى تبكى ،وبينما يمسح والدها دموعها ،ويربت على كتفها ،كانت الام قد نجحت فى إيجاد الطبيب الذى نظر الى الحالتين ولم يتكلم الا عندما قال له الاب أن النوبات العصبية لزوجته تتكررعدة مرات بينهما فترات قصيرة جدا وانه الى الان لم يتلق اى علاج 0
نظر الطبيب الى المريض والمريضة وقال بتهكم واضح ( مصححا للأب الكلام ) :
من لايفهم لايتكلم زوجتك تشنجاتها هستيرية نفسية ، أما هذا الطفل فنوباته عصبية وتركهما وخرج 0 وهنا فهمت معنى وجود هذا الشاب فى حجرة والدتها0
قام الاب بفتح نافذة الحجرة حيث الهواء ربما يساعد فى اسعاف المريض والمريضة0 بينما تسللت الطفلة ووقفت تنظر من النافذة المطلة على الميدان الكبير المزدحم بالمارة وكل انواع المركبات ، وأخذت تلهو وتهذى بكلمات غريبه وهى تحرك رأسها ذات اليمين وذات اليساروتقول :
هنا تشنجات عصبية اما هنا فالتشنجات نفسيه وهناك هستيرية 0 وعندما شاهدها والدها تتمايل قرب النافذة وتكاد تقع منها جذبها بقوة وعنفها بقسوة فبكت بكاءً مكتوما بصوت خافت وحزين وهنااحتضنهاوالدها ( فى محاولة لإرضائها ) وقال لها :
اطلبى اى شئ ماذا تريدين حبيبتى؟
وبنبرة بكائية حزينة مغلفة بتنهدات متقطعة قالت :
( عايزه---عايزه--- ساندوتش مهلبية ) ً
نوال حامد