المقابلة ، بصفة عامة ، هي شكل من أشكال الحوار يتم بين شخصين أو أكثر ، حول موضوع محدد أو متفق عليه ، أو أحيانا غير مخطط له ، ينشأ تلقائيا و عفويا .
ومن أهداف المقابلة عموما ، التعبير عن أفكار ، أو تقديم منتوج ، أو النجاح في اختبار شفهي ، أو في مباراة مهنية ...
وتتنوع المقابلات تبعا للأهداف المتوخاة ، إذ نجد مقابلة الامتحان الشفهي ، و مقابلة التشغيل ، ومقابلة الامتحان المهني ، و مقابلة اللقاء الصحفي ، ومقابلة البحث الاجتماعي أو التقني ...
هذه المقابلات تجرى عادة في فضاءات مختلفة ، تبعا لاختلاف الأهداف ، منها ما يجرى في فضاءات منظمة كالقاعات أو المكاتب أو مقرات العمل أو أماكن تواجد عينة البحث ... و هي مقابلات مهيأة . أما المقابلات العفوية و الفجائية فتتم غالبا في أماكن عمومية كالشوارع أو المقاهي أو المنازل...
مقابلة التوظيف كنموذج :
إن الهدف من مقابلة التوظيف ليس دائما هو معرفة درجة تحكم المرشح في رصيد معرفي له علاقة بالوظيفة ، بل هناك أهداف أخرى منها :
- القدرة على استثمار الرصيد المعرفي المرتبط بالمنصب المتبارى حوله
- القدرة على الإقناع و التأثير ( المحاججة )
- القدرة على التحكم في ردود الأفعال ( الثقة في النفس ، و الحفاظ على الهدوء والتوازن...)
- القدرة على توظيف آليات تواصلية على مستوى الحركة و النظرة و السمع والصوت ...
1- استعدادات أولية ( قبل إجراء مقابلة التوظيف ) :
يقتضي من المرشح ضبط العوامل المحتمل تأثيرها في سير المقابلة ، من ضمان تهييء ملائم على المستوى المعرفي و الجسدي و النفسي، وكذا الجوانب المتعلقة بالمظهر ...
و من العوامل المؤثرة ما يلي :
- الزمن : توقيت المقابلة ، ومدتها
- المكان : قاعة الاجتماعات ، مكان العمل ...
- المظهر الخارجي : بحسب نوع الوظيفة المتبارى حولها ( اللباس ، تسريحة الشعر...)
- إلقاء نظرة على (C.V) و تهييء وثائق الإثبات ( شواهد ، اعترافات، مراسلات، دراسات ...)
- تكوين فكرة حول نوع الوظيفة و متطلباتها ، مثلا وظائف السلطة ليست هي الوظائف التجارية ، أو وظائف الإستشارة و الإرشاد :
* هناك وظائف تتطلب : خصال الفردانية و الاستقلالية ، المبادرة ، التشبث بالموقف، القتالية ، المخاطرة ، وحرية التصرف ، القدرة و الكفاءة ، و تحمل المسؤولية ، الحزم و الضبط ، احترام التراتبية الإدارية ، احترام القواعد و القوانين الضابطة ...
* و هناك وظائف أخرى تستلزم : خصال التعاون و العمل الجماعي ، الحس التواصلي، الحوار و التفاعل ، التشارك ، و القابلية ، والحماسة ، المبادرة و الإبداعية والطموح، الليونة والتسامح ...
- الاستعداد النفسي : إبعاد مشاعر الخجل و التوتر و القلق ، مع الحفاظ على التوازن النفسي و الهدوء ...
2- أثناء مقابلة التوظيف :
غالبا ما يكون طالب التوظيف هو المستجوب من طرف شخص أو أشخاص مكلفين بانتقاء المرشحين بهدف تكوين :
- معرفة جيدة بالمرشح ( معارفه ، ميوله ، طموحه ، إمكاناته ، قدراته ... )
- معرفة أفكاره و تصوراته و تساؤلاته ...
- معرفة نقاط قوته وضعفه
- معرفة مستوى إدراكه بالوظيفة ( المهمة المتبارى حولها )
- معرفة قدرته على الإقناع و التأثير
- معرفة قدرته على تنظيم المعرفة و ترتيب الأجوبة

3- الإجابة عن أسئلة التوظيف :
يجب الانتباه إلى أن الشخص المكلف بانتقاء المرشحين ، لا تهمه فقط الأجوبة شفهيا ، بل ينظر أيضا إلى كيفيات استغلال المرشح للحركة و النظرة و الصوت ، كما يهمه أيضا ضبط ردود أفعاله ...
أ*- أنواع الأسئلة :
على المرشح الانتباه إلى تنوع الأسئلة عند تقديم الجواب المناسب :
- الأسئلة الموضوعية : ( questions de faits)هي نوع من أسئلة الوقائع تهدف الحصول على معلومات محددة و ليس آراء
- أسئلة الآراء و المواقف : ( questions dopinions) ترمي إلى معرفة آراء و أفكار المستجوب
- الأسئلة المفخخة : (questions pièges ) من أجل التحقق من إجابة معطاة ،وأحيانا يراد بها إيقاع المستجوب في مأزق
- أسئلة المجادلة و المناظرة : (questions de controverse ) تستعمل غالبا لاختبار القدرة السجالية والدفاعية للمرشح، باعتماد وسائل البرهنة و الإقناع
- الأسئلة المضادة : (les contres-questions ) تأتي في سياق الحوار. بعد سؤال مطروح ،يحاول المستجوب تفادي الجواب عليه ، فيطرح سؤالا مضادا ، لاختبار القدرة على المراوغة ، و استرجاع القوة والتوازن ،وأحيانا لمعرفة المواقف ...

3- نماذج من أسئلة التوظيف :
أ- أسئلة مرتبطة بالمرشح :
عن سؤال : " عرف بنفسك "
( الهدف هو اختبار قدرة المرشح على ضبط و ترتيب المعطيات . لذلك فالإجابة يجب أن تكون مختصرة و مركزة ومنظمة )
الجواب :
- يبدأ المرشح بذكر الاسم ثم السن ثم الحالة الاجتماعية ثم المستوى الدراسي ثم التكوين المعرفي و التجارب التي لها علاقة بالوظيفة المتبارى حولها
سؤال : " ما هي قراءاتك ؟ "
الجواب :
- يذكر المرشح أنواع القراءات المرتبطة ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، بالمنصب المتبارى حوله .

سؤال : " ما هي هواياتك ؟ "
الجواب :
- يتحدث المرشح عن الهواية ( أو الهوايات ) المرتبطة ، من حيث السلوك و الموقف، بالوظيفة المقترحة .
ب- أسئلة مرتبطة بالمنصب :
عن سؤال : " هل لديك معرفة بما يمكن فعله في هذه الوظيفة ؟ "
الجواب : الأمر يقتضي هنا معرفة مسبقة بنوع الوظيفة ومتطلباتها قبل إجراء المقابلة .
و المطلوب :
- إظهار الحماس في تقلد الوظيفة و الرغبة في تطويرها
- عدم إظهار النية في احتلال منصب سام ، أو اعتبار وظيفة مجرد مرحلة عابرة .
سؤال : " لماذا رغبت في شغل هذا المنصب ؟ "
الجواب : بعد أن كون المرشح فكرة حول نوع الوظيفة و متطلباتها ، يجيب عن السؤال المطروح .
- على الإجابة أن ترتبط بمعطيات موضوعية ( تقديم أرقام و إحصائيات ، قراءات ، أحداث، تجارب ...)
- إظهار الميل و الإهتمام
- التركيز على عبارة أن الوظيفة تستجيب للتطلعات
سؤال : " ما هي الأشياء التي لا تعجبك في هذا المنصب ؟ "
الجواب :
- المطلوب من المرشح الحذر ، من خلال إظهار التفاؤل و الصبر
- تجنب ذكر التوصيات و المطالب ...
- اذكر الأشياء التي يمكن حلها أو التي تنتظر الحل
- تجنب ذكر الأشياء ذات الحلول المستعصية .


سؤال : " هل ترغب في العمل بشكل منفرد أم في مجموعة ؟ "
الجواب :
- يذكر المرشح مزايا كل من العمل المنفرد و الجماعي ، مع تشكيل رؤية تركيبية بينهما ، مثل القول :
- العمل الفردي المنعزل يساعد أحيانا على التفكير و حل المشكلات و الاختيار...
- و العمل الجماعي ضروري في توحيد الرؤى و تحليل النتائج و تقييم المشاريع...
سؤال : " كم عدد ساعات العمل اليومي التي تراها ملائمة لمثل هذه الوظيفة ؟ "
الجواب :
- ينطلق المرشح مما هو معطى ، ويترقب ما هو معروض على الإصلاح ( التوقيت المستمر مثلا )
- لا يقدم رقما مرتفعا ، و إلا يجب عليه الالتزام به ، أخلاقيا ، عند حصوله على المنصب .
- لا يقدم رقما أقل ، لأن ذلك ليس في صالحه
- يقدم شريحة من عدد الساعات معمول بها .
سؤال : " ما هي ، في نظرك ، التعويضات الملائمة للمنصب المقترح ؟ "
الجواب :
- يقدم شريحة من التعويضات المعمول بها ، لكي لا تظهر نيته في تشكيل مطالب حول الدخل ، وهي غالبا ما لا ترضى عنها الجهات المشغلة .
سؤال : " كيف يجب على العلاقة أن تكون بين الرئيس و مرؤوسيه ؟ "
الجواب :
- التركيز على مراعاة مبدأ الاحترام المتبادل و التعاون و التشارك
- التركيز على ضرورة احترام الضوابط والقواعد التراتبية
سؤال : " ما رأيك في الإصلاح في مدونة الشغل ؟ "
الجواب :
- يجعل المرشح نفسه مع الإصلاح التدريجي

سؤال : " هل لديك إستراتيجية لتطوير المنصب ؟ "
الجواب :
- يقدم المرشح اقتراحات يمكن تطبيقها عمليا ، وليست اقتراحات من النوع التعجيزي
- يظهر طموحه ،ولكن أيضا صبره ،ويوضح بأن هدفه الأول هو أداء المهمة على أكمل وجه
- يظهر استعداده في كل ما من شأنه تطوير المنصب .

ج- أسئلة مرتبطة بالتكوين :
عن سؤال : " هل ترغب في التكوين ؟ "
الجواب :
- يذكر المرشح فوائد التكوين المستمر في تحسين الأداء
- يظهر رغبته في الاستفادة من أي تكوين محتمل مرتبط بالوظيفة سواء كان مؤسسيا ( تنجزه المؤسسة ) أو ذاتيا ( فرديا )
سؤال : " هل ترغب في متابعة الدراسة بشكل مواز مع أداء الوظيفة ؟ "
الجواب :
- يذكر المرشح فوائد الدراسة من أجل تطوير أداء الوظيفة ، خاصة إذا كان نوع الدراسة مرتبط بالمنصب بشكل مباشر أو غير مباشر .
د*- أسئلة مرتبطة بالمنصب السابق ( لمن كانت له تجربة مهنية سالفة ) :
عن سؤال : " ما هي العراقيل التي صادفتك في حياتك المهنية السابقة ؟ "
الجواب :
- يذكر المرشح الصعوبات الموضوعية
- يذكر كيفية تجاوزها
سؤال : " ما هي إخفاقاتك السابقة ؟ "
الجواب :
- يذكر المرشح بعض الإخفاقات ، لكن ليست الفظيعة منها
- يعتبر الإخفاقات دروسا وعبرا و تجارب لابد منها .

سؤال : " ما هي إحساسك حاليا حول تطورك في المجال المهني ؟ "
الجواب :
- يتجنب القول بأنه قدم كل ما عنده في المهنة السابقة ، لأن المشغل يبحث تقييم جودة التجربة السابقة
- يصرح المرشح بأن كل يوم يمر يحتاج إلى تطوير المهنة
ه - السؤال الأخير :
سؤال : " هل لديك شيء يمكن إضافته ؟ "
- يتجنب المرشح الجواب ب " لا " ، لأن هذا يبين سلبيته و جهله ...
- يقدم اقتراحات و أفكار ، هيأها سلفا
- يحاول إنهاء المقابلة بأشياء إيجابية ...
ملحوظة :
إن الأسئلة المطروحة لا تخضع بالضرورة للترتيب سالف الذكر . فغالبا ما يلجأ المكلف بإجراء مقابلة التوظيف إلى تنويعها بحسب إجابات المرشح ، وطريقة تواصله . كما يمكن لهذا المكلف ذكر أسئلة أخرى أو حذف أسئلة ذكرت ، بحسب الحيز الزمني المخصص للمقابلة قياسا مع عدد المتبارين ، وعدد المكلفين بالاستجواب .