الرئيس التوافقي بين الرفض والقبول

ونبقى مع 'المصري اليوم' حيث يطرح وحيد عبد المجيد فكرة المرشح التوافقي للرئاسة وماعليها: أن هذا التوافق ليس سهلا بسبب ضعف الثقافة الديمقراطية وقوة الميول الانقسامية في الساحة السياسية المصرية، كما أن التوافق على مرشح لا يضمن بالضرورة أن يكون رئيسا. ويخطئ من يعتقد أن في إمكان أي حزب إقناع جميع الناخبين الذين اختاروا مرشحيه في الانتخابات البرلمانية بالاقتراع لمصلحة مرشح توافقي في الانتخابات الرئاسية. فيستحيل مثلا أن يذهب أكثر من عشرة ملايين صوت حصل عليها حزب الحرية والعدالة في انتخابات مجلس الشعب إلى مرشح واحد في انتخابات الرئاسة. فالناخبون المتعاطفون معه عن بُعد ستتفرق بهم السبل، وحتى الملتزمون بينهم، أي أعضاء جماعة 'الإخوان' بدرجاتهم والحلقات المحيطة بها، لن يقترعوا في اتجاه واحد، فقد يعطي بعضهم أصواتهم لأخ سابق بالرغم من أنه لم يلتزم بقرار الجماعة عدم ترشيح أحد من أعضائها ويستحيل تصور أن يلتزم ناخبو حزب النور باتجاه واحد في التصويت، خصوصا في وجود مرشح سلفي وقل مثل ذلك عن أحزاب أخرى قد تنضم إلى 'صفقة' المرشح التوافقي للرئاسة في حال وجود فرصة لها ولهذا، يحسن أن تكون هناك بدائل عنها، حتى في حال توفر إمكانية لها، سعيا إلى حل معضلة وضع القوات المسلحة في النظام السياسي الجديد وتجنب صدام محتمل إذا لم يتيسر إيجاد تسوية لها.

رئيس منتخب وليس توافقيا!

ونبقى مع فكرة الرئيس التوافقي والتي يتأملها أيضاً جلال أمين في 'الشروق': والأمر مريب إذ لا يُعرف من الذي خطرت له الفكرة ابتداء. ومن ثم بدأت الفكرة التي احتلت مساحات واسعة في الصفحات الأولى من الجرائد، وكأن لا صاحب لها، ولا يمكن نسبتها لأحد. فهل كانت إذن مجرد 'بالونة اختبار'، يراد بها جسّ نبض الناس، ومعرفة ما إذا كان من الممكن أن يقبلوها لو طرحت رسميا؟ والفكرة، فضلا عن ذلك، غريبة وليست مفهومة تماما. فإذا كان المقصود بـ'الرئيس التوافقي' رئيسا يجمع عليه الناس، أو غالبية الناس، ففي أي شيء يختلف هذا عن تقدم بعض الأشخاص للترشح للرئاسة، ثم يجري التصويت عليهم، ويفوز بالمنصب صاحب أكثر الأصوات؟ أما إذا كان المقصود أن يتفق بعض 'الكبار' من ذوي النفوذ، على شخص معين يرونه صالحا للرئاسة من وجهة نظرهم، ويبذلون جهدهم لإنجاحه، وينجحون في ذلك باعتبارهم 'كبارا' ومن أصحاب النفوذ، فكيف يتفق هذا مع مبدأ الديمقراطية والرجوع إلى الشعب، هذا المبدأ الذي قامت من أجله الثورة ابتداء؟ أما هؤلاء 'الكبار'، فالأرجح أنهم يتكونون من المجلس العسكري الحاكم، وجماعة الإخوان المسلمين أصحاب غالبية المقاعد في مجلس الشعب، وربما اقتصر الأمر على ذلك. فخبرتنا في الشهور الماضية فيما يتعلق بالانتخابات من ناحية، وبالعلاقة بين المجلس العسكري والجماعة بعد الانتخابات من ناحية أخرى، ترجح أن ما يمكن أن يصلا إليه من اتفاق حول 'رئيس توافقي' يمكن أن يتحقق في الواقع، ولكن هذه النتيجة لا بد أن تصيبنا بخيبة أمل لأكثر من سبب.