عبر الخبرات البسيطة التى مررت بها فى المراجعة الخارجية ، رأيت وضع وجهة نظرى فى عملية المراجعة الخارجية .. فى هذه الورقة البحثية التى تتكون من جزئين :
الأول : عمل المراجع الخارجى بين التقويم المؤسسى والتقويم التربوى .
الثانى : آليات مقترحة تقيس مدى كفاءة المراجع فى مهارات التقويم المؤسسى التربوى

أولا : عمل المراجع الخارجى بين التقويم المؤسسى والتقويم التربوى
فى البداية علينا أن نقرر بوضوح أن فرضية التفرقة بين التقويم المؤسسى والتربوى هى فرضية نقترحها للمقارنة بين تمكن المراجع من التقويم المؤسسى بصورة كلية من ناحية وتمكنه من التقويم التربوى المتخصص من ناحية أخرى .. إذ أننا نتفق على أن كلاهما يشكل فى النهاية العصب الرئيس لعملية المراجعة الخارجية : التقويم المؤسسى التربوى .

التقويم المؤسسى :
وعبر هذه الفرضية يمكن القول بوضوح أن هذا النوع من التقويم الذى يتجه مباشرة إلى كافة مجالات القدرة المؤسسية بصورة أساسية وتحديدا فى مجالات الحوكمة والقيادة والموارد البشرية والمادية وتوكيد الجودة والمشاركة المجتمعية والرؤية والرسالة .. كذلك يمكن أن يندرج تحتها بعض معايير مجالات الفاعلية التعليمية ..
هذا التقويم من وجهة نظرى يعد من أكثر عمليات المراجعة سهولة إذ ينبنى على معايير مؤسسية عامة .. ولعل هذه السهولة يمكن التقرير بها فقط حال المقارنة بينها وبين التقويم التربوى ، ولكنها أيضا تحمل معادلة السهل المتنع ، والذى لا يجب ان يتجه نحو الوثائق قدر توجهها إلى تحليل قدرة القيادة وأطرها وفاعليتها .. وكذا إلى رصد الممارسات الواقعية التى تصدر من المنظومة الإدارية والتعليمية للمؤسسة ومدى كفاءتها فى تنظيم وتخطيط العمليات الإدارية والتعليمية واستخدامها لمواردها داخل المدرسة ثم فاعليتها وصداها خارج المؤسسة .. وفى هذا الصدد نرصد إغفالا كبيرا من المراجعين لعمق هذه الممارسات ، والتوجه للأسف الشديد إلى ظواهرها فى الوثائق ..
لذا تلعب المقابلة دورا مهما جدا فى كل الممارسات غير المتعلقة بالمنشأت ، وتلعب الأسئلة غير المباشرة دورا أكثر أهمية فى المقابلة ... وتلعب قدرة المراجع على تحليل الاستجابات الشفوية الفورية وتوجيه الأسئلة المناسبةدورا مهما جدا .
لذا فإن تحول المراجع من دور تحليلى إلى دور محقق يتحدث بصورة مباشرة .. يؤدى فى النهاية إلى تحويل مجمل ممارسات هذه المجالات فى الصورة الأعم .. إلى استسلام المراجع لفرضية تنتهجها المؤسسات " انا لا أكذب ولكنى أتجمل "
لذا فالسؤال الأكثر إلحاحاً الآن .. كيف للهيئة أن تتأكد من توافر هذه المهارات لدى المراجع .. وهى بالأساس مهارات تتعلق بسمات شخصية محددة
تظهر تحديدا فى الممارسة الواقعية فى الميدان وليس فى اختبار معرفى لا يمكن ابدا أن يقترب مجرد اقتراب للمهارة الميدانية .
وهذا ما نود الإشارة إليه فى مناقشة مايقوم به المراجع فى مراجعته فيما يتعلق بالتقويم المؤسسى العام .

التقويم التربوى :
وهنا نصل إلى أكثر عمليات المراجعة صعوبة وفنية
فالمراجع رغم أن لا يقوم بإجراء تقويم تربوى بصورة مباشرة إلا أنه يقوم وبصورة مباشرة بالتأكد من
ضمان جودة العملية التربوية ونواتجها وبصورة أشمل التأكد من أن المؤسسة تقوم باستخدام تقويم تربوى يؤدى إلى تحقق نواتج التعلم المستهدفة
عبر التأكد من أن التقويم يعبر بصدق وموضوعية عن الأداءات الفعلية للمتعلم عبر أدوات تقويم فاعلة .. كذلك استمراريته وشموله كافة جوانب التعلم وقياس مدى قدرة المعلمين على وضع آلياته واستخدامه ومن ثم الاستفادة من مخرجاته لتطوير عملية التعلم ، ويعد هذا أحد المعايير المهمة فى التقويم التربوى والمتمثلة فى استثمار هذه المخرجات بما يصب فى النهاية لصالح المتعلم
لذا فإن قدرة المراجع على تحليل أدوات التقويم التربوى الذى تستخدمه المؤسسة يعد من أصعب مناطق عمليات المراجعة بالنسبة للمراجع .. وهنا لنا أن نتساءل كم من المراجعين يقوم بعملية تحليل لمواصفات الاختبارات التحصيلية .. وكم من المراجعين لديه القدرة على الوصول إلى الفجوات ومواطن الضعف فى استخدام المؤسسة للتقويم التربوى .. ليتوصل فى النهاية إلى وضع مقترحات تحسين تلمس الهدف مباشرة .. بدلا من التلاعب بالألفاظ بديلا لعدم قدرته على الوصول إلى الفجوات ونقاط الضعف الأكثر عمقاً .ثم كيف يتوصل المراجع عبر ملاحظته للصف الدراسي للتاكد من قدرة المعلم على الوصول لناتج التعلم المحدد من هذا الدرس تحديدا عبر استخدامه للاستراتيجيات المتنوعة والأنشطة وقدرته على تنفيذ التقويمات المخططة .
وإذا كان هذا هو المطلوب من المراجع فى أهم واصعب أجزاء عملية المراجعة الخارجية
فكيف يمكن للهيئة تقييم قدرة المراجع على القيام بهذه الأداءات والمهارات المهمة جدا ، عبر اختبارات معرفية .. لا يمكن ان تقيس الجانب المهارى التطبيقى ثم - وهذا هو الأهم - كيف تقوم الهيئة بتقويم المراجع فى هذه الجزئية تحديدا أثناء الزيارة الميدانية .. بحيث توفر التغذية الراجعة المطلوبة له .
. قصدت من هذه الجزء الأول من الورقة البحثية الوصول إلى مدى الصعوبات الكبيرة التى ستتعرض لها الهيئة عند تقييم المراجعين . على أن يكون الجزء الثانى بمثابة مقتراحات تقدم للهيئة منا جميعا ، وعلى الهيئة أن تأخذ بهذه المقترحات على وجه الجد .. لأنها ستصدر عن خبرات متراكمة لمراجعين خبروا الميدان واستكشفوا خباياه وتعرضوا للكثير من المواقف المهارية التى استطاعوا - هم بأنفسهم الحكم على بعضهم البعض بأن هذا (مراجع قوى) .. وهذا ( مراجع ضعيف)
لذا نرجو ان يكون الجزء الثانى من هذه الورقة البحثية متعدد الروافد نتشارك جميعا فى صياغته .. ليحمل هما مشتركاً للإجابة على سؤال : كيف يمكن تقييم مراجع للحكم على فاعلية أدائه قبل اختياره وقبل الخروج .. ثم ما هى الآليات المطلوبة لتقويمه تقويماً علمياً يؤشر لنقاط ضعفه اثناء قيامه بالزيارات الميدانية ؟ ونحن نثق أن قيامنا بهذا الدور يعد توجها إيجابيا للتحول من نقض ما تزمع الهيئة القيام به من اختبارات إلى نقده وتحليله للوصول إلى أنسب الطرق لتقييم المراجع وتقويمه .
شكرا وتقبلوا احترامى
محمد زهران