المقاييس العلمية لكشف الموهوبين والمبدعين
نماذج نظرية وتطبيقية عملية
دراسة تقدم بها لتحقيق شراكة حقيقية مع المؤسسات التعليمية
الدكتور حازم محمد أللهيبي أستاذ العلوم المعرفية والباراسيكولجي في العراق


2008

المقدمة
في ظل ضرورة إحداث التكامل بين المحتوى التعليمي ومهارات التفكير الإبداعي ضمنالمناهج الدراسية وبناء قدرات الكوادر التعليمية قامت الجامعة الوطنية العراقيةللمجتمع المدني قسم البحوث والدراسات تقديم الدعم للموهوبين والمبدعين انسجاماً معأهداف الحملة العالمية لرعاية الموهبة والإبداع و تطوير التعليم بشكل عام بمايتناسب ومتطلبات اللحاق بركب التقدم العلمي وتطوره.
ولهذا تبنت الجامعة الوطنية العراقية للمجتمع المدني خطة للعام 2007/2008 للتركيزبشكل خاص على تعليم التفكير الإبداعي للمشرفين والمتعلمين في المدارس وتدريبهم علىاستخدام مهارات التفكير الإبداعي مما يتيح إمكانية الأداء المتميز وقدرات أبداعيةعالية نستطيع ملاحظتها والعمل على تنميتها بيسر وسهوله فكلما كانت البيئةالتعليمية ثرية علمياً, كلما زاد توقعنا الايجابي لأداء متميز من قبل المعلمينالمتعلمين.
وقد يكون الاهتمام بإقامة ورش العمل والدورات التدريبية وتثقيف كوادر التعليمبالطرق الحديثة للتدريس وتوفير البيئة التربوية في هذا المجال من الأمور التي تعكسالاهتمام بتنمية قدرات الكادر التعليمي وبالتالي تنمية قدراتهم المعرفية والفنيةوالمهارية وهذا ما تسعى الجامعة الوطنية العراقية إلى تحقيقه وتطبيقه الفعلي فيالبيئة المدرسية, حيث قامت الجامعة منذ إنشائها وحتى الآن بتدريب ما لا يقل عن 74متخصص من المعلمين والمعلمات والمشرفين والمشرفات في كافة المستويات التعليمة .
كما سعت الجامعة إلى تحقيق شراكة حقيقية مع المدارس لتوسيع دائرة التدريب لجميعفئات كوادر التعليم وتبني الإدارات المدرسية سياسة نقل اثر التدريب كمنهج أساسيلكل مدرسة يشارك أعضائها في مثل هذه الورش والدورات التي لا تزال الجامعة تحرص علىإعدادها وتنفيذها بهدف زيادة فرص تطوير وبناء قدرات الكوادر التعليمية في مدينةالموصل بدرجة أساسية و بما ينعكس على تطوير المؤسسات التعليمية والمدارس ورفع أداءالتلاميذ وفق المعايير الدولية المعتمدة .والذي بدوره سيؤدي إلى زيادة فرص إبرازالمواهب ومن ثم العمل على تبنيها وتنميتها ومن هنا فإن الجامعة تسعى في إطار تطويرخططها وبرامجها إلى تنفيذ عدة مشروعات خلال العام 2008 نوجزها فيما يلي :-
أولاً : مشروع تعليم التفكير الإبداعي في المدارس:-
• عقد شراكة مدرسية مع مديرية تربية محافظة نينوى لتنفيذ مشروع تعليم التفكيرالإبداعي الذي ينفذ للطلاب والمعلمين على حد سواء من أجل إيجاد بيئة مدرسية تسهمفي تنمية التفكير الإبداعي لدى الطلاب.
• يتولى أخصائي الجامعة مشروع تعليم التفكير الإبداعي للفصول المطبق عليهاالبرنامج وذلك باستقطاع حصة أسبوعية لتعليم مهارات التفكير الإبداعي.
ثانياً: يهدف هذا المشروع إلى تحقيق الأهداف الآتية:-
• تدريب المعلم على استخدام قدرات الإبداع في المقرر المدرسي.
• تدريب المعلم على استخدام بعض المقاييس التي تساعدهم على اكتشاف الموهوبين.
• تدريب الطلاب على تطبيق القدرات الإبداعية في المواقف اليومية.
• تنمية الإمكانات الإبداعية لدى المعلم والطالب.
• رعاية المواهب الطلابية وصقلها.


ثالثاً: يتضمن المشروع خبرات ومعارف تعليمية وأنشطة وبرامج إثرائية مثل :-
• الزيارات الميدانية واللقاءات مع المتخصصـين والمناقشات الجماعية ( الحوار،الكتابة) كتابة الأبحاث و عرض الأفلام وورش إثرائية حسب اهتمام الطلاب مما يسمىالتجمعات الاثرائية.
• إعداد وتنظيم بعض الدورات التدريبية المحلية والخارجية يشارك فيها فئات منالمعلمين والمعلمات والتربويين ضمن إطار تطبيق مهارات التفكير الإبداعي في المقررالمدرسي والتي تساعد على اكتساب طرق وأساليب حديثه في المنهج المدرسي تثري حياةالطالب وتساعد على إبراز مواهبه وميوله.
• عقد محاضرات لعدد من المدارس الحكومية والمستقلة والتي تركز على أهمية التوعيةبتعليم مهارات التفكير الإبداعي للطلاب في المدارس وكيفية غرس المهارات في المقررالمدرسي وإشراك الأسر في حضور مثل هذه المحاضرات.
• تنفيذ بعض الأبحاث المتعلقة بتطبيق البرامج الاثرائية في الميدان المدرسي.
• متابعة مشروع تنمية مهارات المبدعين من الطلاب والطالبات وتقديم الاستشاراتالمناسبة فيما يتعلق بمجال الإبداع والموهبة.
وعلى ضوء ما تقدم سوف نقسم الدراسة إلى ثلاث فصول نتحدث في الفصل الأول عن العلاقةبين الذكاء والموهبة والإبداع ونتطرق في مبحثه الأول عن تعريف الموهبة وفي المبحثالثاني من هو الموهوب و ما هو معيار الموهبة أما المبحث الثالث فسنتحدث عن طرقاكتشاف وخصائص المبدعين والموهوبين أما الفصل الثاني فسيكون عن برامج تعلم مهاراتالتفكير والإبداع ومبحثه الأول عن برامج تعليم مهارات التفكير وفي المبحث الثانيطرق تهيئة كوادر الموهوبين أما المبحث الثالث عن خصائص عن الموهبة والذكاء ويأتيالفصل الثالث فالمبحث الأول سيكون عن أساليب تحديد الموهوبين والمبحث الثاني عنالدراسات الحديثة لتحديد الموهبة والإبداع والمبحث الثالث سنتطرق عن المشكلات التيتواجه الموهوبين بعدها سيكون لنا وقفة عن الجانب التطبيقي لنماذج تعليم الموهوبينورشة العمل التدريبية وأخيرا الاستنتاجات والتوصيات.
الباحث
الفصل الأول
العلاقة بين الذكاء والموهبة والإبداع
الفروق الفردية ظاهرة عامة بين الأفراد ، فأفراد النوع الواحد يختلفون فيما بينهم، فلا يوجد فردان متشابهان في استجابة كل منهما لموقف واحد ، وهذا الاختلافوالتمايز أعطى الحياة معنى ، وجعل للفروق الفردية أهمية في تحديد وظائف الأفراد ،وهذا يعني أنه لو تساوى جميع الأفراد في نسبة الذكاء على سبيل المثال فلن يصبحالذكاء حينذاك صفة تميز فردا عن آخر، وبهذا لا يصلح جميع الأفراد إلا لمهنة واحدة
إذاً ما هو الذكاء ؟ وما هي الموهبة ؟ وما الفرق بين الموهبة والإبداع ؟
الذكاء :
قدم علماء النفس على اختلاف مدارسهم تعريفات شتى للذكاء ، بعضها يتعلق بوظائفه،وبعضها يتعلق بالطريقة التي يعمل بها، ونتيجة لهذا وجدت تعريفات متعددة لهذاالمفهوم مما جعل الباحثين يصنفون هذه التعريفات إلى ثلاث مجموعات :
الأولى : تؤكد على الأساس العضوي للذكاء : وهذه المجموعة تعرف الذكاء بأنه قدرةعضوية فسيولوجية تلعب العوامل الوراثية دوراً كبيراً فيها .
الثانية : تؤكد على أن الذكاء ينتج من التفاعل بين العوامل الاجتماعية والفرد,فالذكاء في نظرها القدرة على فهم اللغة والقوانين والواجبات السائدة في المجتمعوهنا تكون العوامل الاجتماعية هي العوامل المؤثرة في الفروق بين الأفراد فيالذكاء.
الثالثة : فهي فئة التعريفات التي تعتمد على تحديد وملاحظة المظاهر السلوكية للحكمعلى ذكاء الفرد .
الإبداع:
أما الإبداع فإن أسهل تعريف له هو العملية التي تؤدي إلى ابتكار أفكار جديدة، تكونمفيدة ومقبولة اجتماعياً عند التنفيذ, وهناك تعريف شامل "هو مزيج من الخيالالعلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكــرةصــغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله"
( الحمادي , 2005 . 2).
إذاً الإبداع هو إنتاج أفكار جديدة خارجة عن المألوف، بشرط أن تكون أفكار مفيدة.
الموهبة:
أن للمدرسة دور أساسي في صقل الموهبة وتنميتها، كذلك للأسرة دورها الأساسي فياكتشاف الموهبة وتشجيع الطفل على الإبداع, ويتميز الطفل في سنواته المبكرة بفطرةوتلقائية وانفعالات خاصة ليس لها ضوابط منطقية يمكن للكبار أن يحولوا دون حدوثهالكن المهم هو مدى ونوعية استجابة الكبار لهذه الانفعالات والسلوكيات وهنا يأتي دورالاستجابة في تعديل سلوك الطفل والقدرة على إحداث التوازن النفسي وإشباع حاجاتهالصغيرة وكسر نزعة العدوان داخله وتوجيه طاقاته إلى الأنفع والأجدى والإبداع.
فإن النمو العقلي للصغير يرتبط بعوامل كثيرة بعضها موروث والبعض الآخر تشكلهالبيئة التي يولد فيها بما في ذلك الأسرة والأصدقاء والتعليم ,فالموهبة لا تظهر فيفراغ, بل تحتاج إلى مناخ اجتماعي يتسم بالثراء والإيجابية والانفتاح سواء فيالأسرة أو في المدرسة أو بين الأقران, وفى المحتوى البيئي أيضاً ، فهذه العواملالمحيطة بالطفل قد تعزز أو تحبط دوافعه وحريته في التعبير أو التفكير الإبداعي.
كما أنه لا تعارض بين الموهبة والإبداع, فالموهبة استعداد فطرى طبيعي, والإبداع هوكيفية إخراج الموهبة إلى حيز الوجود, والمبدع الموهوب له رغبة في إظهار ميوله تجاهما يحب, سواء الأدب أو الرسم أو الاختراع العلمي أو أي مجال آخر.(العتوم,2007. 237)
لقد اعتنى الإسلام بالموهوبين فكانت توجيهاته في إشباع مواهبهم توجيهات ربانيةسامية موافقة للطبيعة البشرية ومتوازنة معها بما يتوافق مع حياة الإنسان ،وقد تميزالمسلمون في هذا المجال بداية من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعنايته الدقيقةالفائقة لعموم المسلمين والمتميزين منهم بشكل خاص كأسامة بن زيد في القيادة وعبدالله بن عباس في الفقه وخالد بن الوليد في الشجاعة وحسان بن ثابت في الشعر وغيرهم.

المبحث الأول
تعريف الموهبة
إن الموهبة تعني العطية للشيء بلا مقابل وهذا المصطلح سنتعرف عليه من خلال تقديممعنى الموهبة لغةً واصطلاحاً.
تعريف الموهبة لغةً :-
تعريف المختار الصحاح للموهبة بأنها ( وهب- أي وهب له شيء والاتهاب هي قبول الهبة)والموهبة هي الشيء الذي يملكه الإنسان.
أما قاموس لسان العرب فيعرف الموهبة بأنها ( وهب – يهب – وهوب – أي يعطيه شيئاً)وفي قاموس المنجد نرى أن الموهبة بأنها ( وهب – أي إعطاء الشيء إياه بلا عوض )وتعريف قاموس المحيط للموهبة بأنها ( وهب - يهب – والموهبة العطية والسحابة وأوهبالشيء له أي دام له) .ومما سبق من القواميس العربية نجد أن كلمة موهوب أتت منالأصل وهب وتجمع كل القواميس العربية على أن كلمة وهب هي العطية أي الشيء المعطىللإنسان والدائم بلا عوض .
تعريف الموهبة اصطلاحاً :-
الموهبة فهي قدرة متميزة وذاتية, ولكنها تتميز بالخصوصية, والموهبة تختلف عنالهواية فالموهبة توجد لدى الفرد منذ نشأته لكنها تتبلور عن طريق التدريب والتزودبالمعرفة,أما الهواية فنستطيع أن نكتسبها ونخلقها داخل نفوس الأطفال ولكن لابد أننراعي مسألة تقاربها وتناسبها مع إمكانيات الطفل ورغباته وتلعب الموهبة والهوايةدورًا إيجابيًا في حياة الإنسان فهي تساعده علي تحقيق ذاته .(لويس معلوف,1956. 306).
تطور مفهوم الموهبة
كانت أولى المحاولات العلمية لفهم ظاهرة الموهبة والتفوق العقلي هو ما قام بهجالتون عام 1869م من خلال التعرف على دور الوراثة في تكوين الموهبة والتفوق الذهني، حيث استخدم في محاولته هذه مصطلح العبقرية والتي عرفها بأنها : "القدرةالتي يتفوق بها الفرد والتي تمكنه من الوصول إلى مركز قيادي سواء في مجال العلوموالسياسة و الفن و القضاء و القيادة . إلا أن هذا المصطلح اختفى سريعا وحل محلهمصطلح التفوق العقلي والمتفوقون عقليا وأصبح هذا المصطلح هو الأكثر استخداماوتداولا في البحوث والدراسات والبرامج التعليمية. (جالتون,1869.28). ثم توالتالبحوث والدراسات للتعرف على الموهوبين حتى جاء ستانفورد بينيه عام 1905 م فطوراختبار للذكاء عرف فيما بعد باسمه اختبار ستانفورد بينيه لتطبيقه في تصنيف الأطفالوالتعرف على ذوى الذكاء المنخفض والذين سموا بالمتخلفين عقلياً ، وذوى الذكاءالمرتفع والذين أطلق عليهم المتفوقين عقلياً وأصبح هذا المقياس من أهم المقاييسالتي تستخدم في التعرف والكشف عن الموهوبين وقد دعم هذا الاتجاه لقياس الذكاء ظهورالعديد من النظريات والمفاهيم حول القدرات العقلية.(الجراح, 2007. 168 )
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأ التنافس يظهر بين الدول المتقدمة في التطورالتقني وبدأت الحاجة إلى المزيد من التركيز على الإبداع والابتكار فظهرت عدةمفاهيم جديدة للقدرات العقلية, أهمها مفهوم التكوين العقلي الذي اقترحه جيلفوردعام 1959م والذي لخصه في أن التكوين الذهني يتضمن عدة أبعاد هي :
v التكوين الذهني
v العمليات العقلية
v التفكير ألتباعدي
v التفكير ألتقاربي
v المواقف السلوكية و التقويم
ثم توالت الدراسات لاحقاً وظهرت مفاهيم جديدة عرفت الابداع والابتكار و يعتبر احدثتعريف لاقى إقبالا واهتماما كبيرا من الباحثين, التعريف الذي طوره الدكتور رنزولي1978م مصمم البرنامج الاثرائي الثلاثي الأبعاد حيث يؤكد رنزولي أن الموهبة تتكونمن التفاعل بين ثلاث مكونات للسمات الإنسانية وهي:-
(القدرة العقلية العالية و القدرة ألابتكاريه المرتفعة و الدافع القوى للإنجازوالمثابرة)
فمن هذا التعريف ينطلق بان الموهوبون هم الذين يمتلكون أو لديهم القدرة على تطويرهذا الترتيب من الخصائص والسمات واستخدامها في أي مجال من المجالات الإنسانيةوهؤلاء الموهوبون يحتاجون إلى فرص تربوية وخدمات تعليمية لا تتوافر عادة من خلالالدراسة العادية في المدارس . ( بشارة , 2007. 581 )
وان السبب الرئيسي لاهتمام العلماء بهذا التعريف هو أن أي موهوب من الضروري له فيأي مجال من المجالات أن يستخدم الخصائص الثلاث وهي القدرة العقلية العالية والقدرة ألابتكاريه المرتفعة و الدافع القوي للإنجاز والمثابرة.
من هذه التعاريف جميعها ظهر لنا تعريفاً شاملا استعمل في الدراسة التي تمت في مركزالبحوث والدراسات للجامعة الوطنية العراقية بان الطالب الموهوب هو الذي يتوفر لديهاستعدادات فطرية وقدرات عقلية غير عادية أو أداء متميز عن بقية أقرانه في مجال أوأكثر من المجالات العلمية والإنسانية وخاصة مجالات التفوق العقلي والتفكيرألابتكاري والإبداعي والتحصيل العلمي والمهارات والقدرات الخاصة.


المبحث الثاني
من هو الموهوب و ما هو معيار الموهبة
من هو الموهوب

في نقاش دار بين " المختصين في مجال الموهبة والإبداع و مركز البحوثوالدراسات للجامعة الوطنية العراقية " وبين الأستاذ لويس بيتر أستاذ علمالموهبة والوراثة الجينية جامعة بيرن الألمانية في لقاء رائع جمعنا في مؤتمر تنميةالمهارات الفكرية في جمهورية مصر العربية حيث سألوا من هو الموهوب ؟
سؤال غريب من أساتذة يرعون الموهوبة لفترة ,أكيد قد تكون كارثة أن لا أعرف من هوالموهوب وما هي السمات التي يتصف بها, لكن إن حوارنا مع الأستاذ لويس بيتر كانرائع وينم عن عمق التفاعل لوضع نموذج متفق عليه لتعريف الموهوب, ولهذا كان الحوارمعه ليس ببعيد عن مراكز الأبحاث العالمية التربوية والتي تبحث عن من هو الموهوبوكل منهم يدلوا بدلوه في مجال الموهبة ليطلع لنا بنظرية جديدة فقد كانت انطلاقه منجالتون الذي قدم نظرية الذكاء من خلال دراسته للفروق الفردية مروراً بكاتل الذيأوجد مصطلح العمر العقلي و تيرمان الذي طور مقياس بينيه وسماه "ستانفورد -بينيه" وجعله لقياس العبقرية بعد أن كان يستخدم لقياس الإعاقات و استخدممفهوم الموهوبين بدل العبقرية, وصولاً لرنزولي الذي ثار على المقاييس وخرج عنالتقليد الذي يفرد مقاييس الذكاء كمعيار وحيد للكشف وجعل الموهبة تفاعل لثلاثمقومات القدرة العقلية فوق المتوسطة و القدرة الإبداعية والقدرات على العملوالإنجاز, وأهتم بالصفات السلوكية للطلبة المتميزين ثم جاء جاردنر الذي قدم نظريةالذكاء المتعدد ولفت أنظار العالم أن التفكير المنطقي وحدة ليس هو الذكاء فغيراتجاه البحث ليبحث عن أنواع أخرى للذكاء.( لويس بيتر , 2006 . )
ثم جاء جولمان بعدها فقدم دراسته ليركز على الذكاء العاطفي ويجعله جواز المرورللنجاح ثم ستيرنبيرغ الذي اقترح نظرية الذكاء والخبرة أو الذكاء الداخلي والذكاءالخارجي والعلاقة بينهم ,كما إن تورنس الذي أهتم بالإبداع وقياسه وإن تناسينا فيجبأن لا ننسى الأستاذ بينيه الذي صمم المقياس الأصلي لقياس الموهبة والابداع, لكننانستمع يوميا للكثير ممن ينادون بصوت عالي بإفراد التعليم وأن لكل طالب طريقة خاصةيتعلم بها ليكون منتج .
باختصار أعيد السؤال هنا من هو الموهوب فمن حقنا نحن أيضاً أن نتساءل ونلاحظ ونجريالدراسات حيث يسود اعتقاد خاطئ دائما بأن المبدع ولد هكذا مبدعا دونما أي مجهود أوتعب ولا شك أن هذه هي الخطوة الأولى نحو تثبيط الهمم فالغالبية العظمى من الناسيعتقدون بفكرة ولادة الإبداع هكذا مباشرة مع الإنسان وبالتالي فهم لا يبذلون أيمجهود أو يحاولون حتى التفكير في قدراتهم لاعتقادهم بأن من لم يولد مبدعا فلن يكونمبدعا في حياته, ولذلك فهم لا يحاولون اكتشاف وتطوير قدراتهم ومواهبهم الدفينةبسبب انتشار مثل هذه الظنون الخاطئة.
فالإبداع هو موهبة بالإضافة إلى كونه هدفا لا ينال إلا بالتدريب والمثابرة, فقدوهب الله سبحانه وتعالى كل إنسان موهبة معينة في مجال معين من مختلف مجالات المعرفةوالموهبة الإنسانية , ومهد له الطريق نحو تقوية هذه القدرة وصقل مواهبها, وبقي علىالإنسان أن يسير في هذا الطريق سيرا قويما لا ينحرف فيه فيفقد القدرة على صقلمواهبه وتنمية قدراته وهذا لا يتم إلا بالتدريب وتهيئة المناخ المناسب ولابد لنامن ذكر الكيفية التي تحدد المبدعين وصناعة الإبداع وباعتقادنا هنالك مجموعة منالصفات يمكن الوقوف أمامها لكي نتمكن من تحديدها وهي صفات اجمع المختصين في مجالالإبداع على الاتفاق عليها وهي كالتالي:-
أ*- يمتلكون المواهب والقدرات الفكرية اللازمة ,أي أنهم يمتلكون قدرات فكرية ترتقيإلى الحد الأدنى من متطلبات الإبداع, فيتقنون بشكل أو بآخر قدرات التحليل المنطقيوالتفكير والتحليل والاستنتاج .
ب*- لديهم أفق واسع من المعرفة المطلوبة وذلك لأن المعرفة هي الركن الأساس لبناءالقدرات الفكرية فالتفكير لا يمكن أن يوجد إلا بوجود الأفق المعرفي المطلوب.
ت*- تتوفر لديهم المتطلبات النفسية كالثقة بالنفس , والتصميم , وقوة الإرادة ,والاهتمام بالمعرفة والتفكير وعدم الالتفات أو الاهتمام بالتوجيهات الإحباطية.
ث*- يملكون الرغبة في التقدم ؛ فهم إيجابيو التفكير, مبادرون , ولا يخشون الفشل.(مركز البحوث والدراسات, 2006 )
وسنستكمل العرض بأذن الله.