حقيقة أن هناك عوامل ساعدت فنلندا علي سرعة الانجاز مثل انخفاض عدد السكان‏(‏ لا يتجاوز العدد حاليا‏5,200‏ مليون نسمة‏)‏ وقلة عدد الاطفال في المدارس إذ لا يتجاوز اعداد التلاميذ في مرحلة التعليم الاساسي حاليا ستين ألف طفل ويتراوح عدد التلاميذ في المدارس بين عشرة و‏900‏ تلميذ علي أكثر تقدير‏,‏ ولكن اهتمام الدولة كان منصبا علي عامل الجودة واستخدام الانشطة المفجرة لابداعات التلاميذ‏,‏ مما جعل من التعليم عملية ممتعة غير شاقة‏.‏ فقد وجد الباحثون أن التلاميذ الفنلنديين يقضون في المدارس وقتا أقل من نظرائهم في دول أوروبية أخري‏,‏ كما يتساوي مجمل الانفاق العام علي التعليم مع هذه الدول‏,‏ ومع ذلك استطاع الطلاب في سن الخمسة عشر عاما ان يحققوا مراكز متقدمة للغاية في الاختبارات الدولية الخاصة بتقييم الاداء الطلابي‏pisa‏ حيث أظهروا تفوقا واضحا وحصلوا علي درجات غير مسبوقة في الرياضيات والعلوم ومهارات القراءة واستخدام المعلومات‏,‏ رغم أن هذه الاختبارات ليست تفريغا لمعلومات تم استذكارها‏,

‏ ولكنها تقيس مدي استيعاب وفهم محتويات المناهج وكيفية استخدام المعلومات الاساسية والمهارات الضرورية للعمل‏,‏ وتوظيفها لحل المشكلات في المجتمع امستقبلي‏.‏

هناك عامل آخر شديد الاهمية عند تقييم هذه التجربة‏,‏ وهو التعاون الكبير بين الجامعات وكليات العلوم التطبيقية‏.‏ والمؤسسات البحثية والشركات والمصانع وارتفاع نسبة الانفاق علي الأبحاث العلمية‏.‏ ورغم أن المقارنات الدولية في أواخر سبعينيات القرن الماضي كانت تشير إلي تخلف فنلندا عن منافسيها في استثمارات الأبحاث والتنمية‏,‏ إلا أنها سرعان ما أدركت أهمية هذا القطاع الحيوي‏,‏ فرفعت معدلات الانفاق لتتساوي مع كبريات الدول الصناعية مما كان له أكبر الأثر في تحولها إلي واحدة من أكثر الاقتصاديات الحديثة تقدما من حيث جودة الأداء متفوقة بذلك علي الولايات المتحدة الأمريكية‏.‏